يرى الكاتب أحمد أبو شاوِيش أن إعلان إسرائيل في 3 ديسمبر نيتها إعادة فتح معبر رفح «خلال أيام» لم يأتِ بدافع إنساني كما ادّعت، بل شكّل حلقة جديدة في سياسة قديمة تهدف إلى دفع الفلسطينيين خارج غزة دون ضمان حق العودة. قدّمت إسرائيل الخطوة بوصفها تسهيلاً للسفر من أجل العلاج أو الدراسة أو لمّ الشمل، لكن الرد المصري السريع بالرفض، ومعه مواقف عربية وإسلامية حاسمة، كشفا ما وراء الخطاب الإنساني.
يصف المقال، الذي نُشر في موقع الجزيرة، سياق أوسع من السردية الإسرائيلية التي تحمّل الدول العربية مسؤولية معاناة الفلسطينيين بزعم أنها «لا تسمح لهم بالدخول»، بينما يتجاهل هذا الخطاب حقيقة جوهرية: الفلسطينيون يريدون ضمان العودة، وإسرائيل ترفض ذلك صراحة.
فتح باتجاه واحد: بوابة للتهجير لا للإنقاذ
يؤكد أبو شاوِيش أن معبر رفح، وفق الإعلان الإسرائيلي، سيفتح في اتجاه واحد فقط: الخروج من غزة دون أي التزام بالسماح بالعودة. يكشف هذا الشرط الهدف الحقيقي، وهو إطلاق عملية تهجير قسري منظّم تحت غطاء إنساني. يرفض الفلسطينيون هذا السيناريو، كما ترفضه الدول العربية، لأن التجربة التاريخية أثبتت أن «الخروج المؤقت» يتحوّل سريعاً إلى نفي دائم.
ينفي الكاتب بوضوح الادعاء القائل إن العرب أو حركة حماس يحتجزون الفلسطينيين قسراً داخل غزة. يسعى الجميع إلى ضمان بسيط وعادل: من يخرج مؤقتاً يعود إلى بيته وأرضه. تصرّ إسرائيل على نزع هذا الضمان، ما يحوّل أي فتح للمعبر إلى أداة اقتلاع جماعي.
التهجير سياسة مستمرة منذ 1948
يربط المقال بين اللحظة الراهنة ومسار تاريخي طويل من نزع الملكية والاقتلاع. في عام 1948، طردت القوات الإسرائيلية نحو 750 ألف فلسطيني ومنعتهم من العودة. يورد الكاتب مثالاً شخصياً عن جدّه البالغ 88 عاماً، الذي ما زال يحتفظ بوثيقة تسجيل أرضه في قرية برقة شمال غزة، رغم استمرار منعه من العودة إليها.
بعد احتلال غزة عام 1967، منعت إسرائيل الفلسطينيين الدارسين أو العاملين في الخارج من الرجوع. في الضفة الغربية، تواصلت المصادرة والطرد على مدى 58 عاماً. خلال العامين الأخيرين فقط، استولت إسرائيل على نحو 55 ألف دونم، وشرّدت أكثر من 2800 فلسطيني. في القدس، تفرض سياسات «مركز الحياة» التي سحبت أكثر من 10 آلاف إقامة خلال 25 عاماً.
غزة تحت الضغط: إعادة رسم الواقع بالقوة
منذ أكتوبر 2023، كثّفت إسرائيل محاولاتها لدفع سكان غزة نحو النزوح الجماعي. قسّمت القطاع إلى مناطق معزولة عبر ممرات عسكرية، وشنّت عمليات متتالية لدفع سكان الشمال جنوباً، مع كل موجة قصف تحمل هدفاً واحداً: الاقتراب من الحدود المصرية. جاء الإعلان عن رفح في هذا السياق، كحلقة أخيرة قبل سريان وقف إطلاق النار.
ينقل الكاتب عن ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، أن القاهرة رفضت المقترح لأنه التفّ على التزامات المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، التي تنص على انسحاب إسرائيلي، ودعم إعادة الإعمار، وإدارة فلسطينية للقطاع، ونشر قوة أمنية للاستقرار. سعت إسرائيل إلى تحويل النقاش من إعادة البناء إلى تفريغ السكان.
يضيف المقال أن إسرائيل تواصل القصف، وتمنع دخول الغذاء والدواء، وتحظر مواد الإعمار والمساكن المؤقتة، فتضاعف المعاناة، خصوصاً مع قسوة الشتاء. رغم ذلك، يتمسّك الفلسطينيون بأرضهم، ويرفضون أي وصاية خارجية على مصيرهم.
حق الحركة لا يُختزل في ممر تهجير
يختم أبو شاوِيش بموقف واضح: يطالب الفلسطينيون بسيادة كاملة على أرضهم ومعابرهم ومواردهم. يجب أن يفتح معبر رفح في الاتجاهين، كحق في حرية الحركة لا كأداة تهجير. يحتاج المرضى إلى علاج، والطلاب إلى متابعة تعليمهم، والعائلات إلى لمّ شملها، ويحتاج المنهكون إلى استراحة مؤقتة مع ضمان العودة بكرامة.
الطلب بسيط وجوهري: حق تقرير المصير دون إكراه، ودون مقايضة على الوجود، ودون مشاريع تهجير تُسوَّق بلباس إنساني.
https://www.aljazeera.com/opinions/2025/12/15/the-real-reason-israel-wants-to-open-the-rafah-crossing

